الإفتتاحية

كلمة السيدة الوزيرة في افتتاح الدورة 24 لأيام قرطاج المسرحية

في هذا الظرف الإنساني العالمي الصعب حيث يعاني اشقاؤنا الفلسطينيون مختلف صنوف الغطرسة والتنكيل تنتظم الدورة الرابعة والعشرون لأيام قرطاج المسرحية في غياب لجميع المظاهر الاحتفالية خلال افتتاح فعالياتها واختتامها لكن مع الحضور القوي لرفع قيم الحق والعدل ضد الظلم والاضطهاد وثقافة الحياة والفكر المستنير والجمال ضد ثقافة الموت والغلوّ والتطرف والقبح. وهي القيم التي ما فتئ المسرح التونسي يعليها ويعلنها عبر مختلف تجاربه ومدارسه مناصرا لقضايا الانسان والقيم الكونية النبيلة للكائن البشري في اختلاف فكره وجنسه ولونه وهويته

وتأسيسا على ذلك اختير لهذه الدورة شعار ” بالمسرح نحيا.. بالفن نقاوم ” عنوانا لها ومنهجا يربط الحياة والفن بالمقاومة وهو ما يجب أن يبرزه الفعل المسرحي هنا والان نصرة للقضايا الإنسانية العادلة وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني الشقيق

ويتزامن انعقاد دورة هذه السنة مع الذكرى الأربعين لتأسيس المسرح الوطني التونسي (1983)، وفي سنّ النبوءة والحكمة هذه لا بدّ ان يفيد المسرح من مختلف التجارب المتراكمة والمدارس المتنوعة التي أنتجت ابداعا مختلفا ومميزا له بصمته في افريقيا والعالم العربي للنظر الى المستقبل برؤية تجديدية تسند فيه التجارب السابقة التطوير المأمول وهو ما ستعمل عليه العروض والندوات والورشات التكوينية في هذه الدورة فضلا عن تأسيسها سوقا مسرحية لفتح فضاءات مستجدة لتعزيز الإنتاج المسرحي ودعمه مواكبة للحراك المسرحي العالمي

وفي الختام ارجو ان يجد المتلقّي في هذه الأيام ضالّته الجمالية والفكرية في مختلف العروض التي سيقدمها المسرحيون في ستين عملا يقدمه ثمانية وعشرون بلدا مرحّبا بهم على أرض تونس الخضراء موئل الابداع والفكر والفن واعلاء القيم الكونية النبيلة والتي فيها للفن الرابع مكانة وحظوة نسعى الى ترسيخها ودعمها

   و السلام

في حضرة  “أب  الفنون” نلتقي لنحتفي  بمرور أربعين سنة على تأسيس مؤسسة المسرح الوطني وأيام  قرطاج المسرحية. هي أربعون سنة  من  مراكمة  التجارب  والخبرات، ومن تطوير لغة الجسد وجماليات الركح، ومن إبداعات نساء المسرح ورجاله… لقد نحتت أيام  قرطاج المسرحية  كيانها  بكثير من الشغف والإصرار لتفتخر اليوم بتاريخها العريق وبمنجزاتها الرائدة ولتتطلع إلى  تقديم الأفضل في المستقبل

تأتي الدورة 24  من أيام قرطاج  المسرحية  هذه السنة  في سياق مخصوص، وهي التي تحتفل بذكرى تأسيسها الأربعين وترفع شعار “بالمسرح نحيا … بالفن نقاوم” تأكيدا على أنّ القضية الفلسطينية هي في صميم اهتمامات المسرح التونسي

احتفالا بالمسرح باعتباره انعكاسا للحياة بكل ألوانها، ينتظر عشاق الفن الرابع في كل سنة تجدد موعد الفرجة والاكتشاف مع كل دورة جديدة من أيام قرطاج المسرحية. إنّها ليست فقط مناسبة للاحتفال بثقافة الحياة وفرصة من أجل التعرف على تيارات فنية من مختلف قارات العالم، بل هي وسيلة لإيصال صوت المضطهدين والمظلومين، وطريقة للدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة

منذ تأسيسها، التزمت المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية باعتبارها الجهة المنظمة لأيام قرطاج المسرحية  بدعم هذا الحدث المسرحي الدولي  وترسيخ  هويته التي تتجاوز مفهوم الترفيه البسيط  لتنخرط في مسار نضالي ونفس مقاوم  من أجل الكرامة والحرية  والعدالة

وتضامنا مع هموم الشعب العربي، فإنّ القضية الفلسطينية لا تغيب هذه السنة – كما كانت دائما وأبدا- عن أيام قرطاج المسرحية في دورتها 24 والتي تخص  فلسطين  بحيز  مهم من برمجتها انطلاقا من حفل الافتتاح وصولا إلى برمجة عروض مسرحية  فلسطينية تنشد  الأمل والتحرر على خشبة المسرح

تدعوكم أيام قرطاج المسرحية من 2 إلى 10 ديسمبر 2023 للاستفادة وللاستماع ببرمجة متنوعة الفقرات  ومتعددة العناوين تتقاطع في الالتزام وفي الجودة وفي الإيمان بجوهر الإبداع المسرحي بما هو دعوة للتفكير وللتحرر وللتضامن الإنساني

سواء على أركاح  العروض أو من وراء منابر  المؤتمرات والندوات الفكرية  أو من خلال ورش العمل … لن ندخر جهدا في تأكيد دور المسرح باعتباره سلاحا للمقاومة ونورا للأمل ومرآة لواقع مجتمعات تنشد العدل والسلام

هند المقراني المديرة العامة للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية

هذا العام تطفئ أيام قرطاج المسرحية شمعتها الأربعين… أربعون سنة وقاعات الفن الرابع تزدان بالعروض من أجل أن تهب جمهورا وفيا تجارب مسرحية مفعمة بالبحث الفني الإنساني عن القيم الأصيلة ،التي تؤسس لعالم قوامه الأمن والسلام والتعايش في كنف احترام حرمة الذات البشرية رغم اختلاف الفكر واللون والجنس والهوية

نحتت أيام قرطاج المسرحية على امتداد دوراتها السابقة ملحمة فنيّة بمختلف أبعاد وعناصر العرض المسرحي ومثلت موعدا إقليميا و دوليا لاستكشاف تجارب الفن الرابع القادمة من العمقين العربي والإفريقي اللذين شكلا سمة من أبرز سمات أيّام قرطاج المسرحيّة، غير أن دورة هذه العام ستختلف في نكهتها عن دورات سابق الأعوام. ففي هذه الدورة يمتزج الفخر ببلوغ مرحلة النضج بمشاعر الألم والأسى والانشغال

ولأن المسرح في الأصل مقاومة فنية وانتصار للهموم الإنسانية فإن هذه الدورة الأربعين ستكون دورة المساندة و التضامن مع الشعب الفلسطيني في الدّفاع عن حقه المشروع لإسترجاع حقوقه المسلوبة و حقّه في العيش بكرامة

يأتي الفنانون إلى هذه الدورة من إفريقيا ومن العالم العربي ومن كافة أنحاء العالم ليوشحوا اكتمالها بالإصداح بأن المسرح ما بعث في مأساته وملهاته إلا لينشر الفضائل وينتصر لإنسانية الإنسان ويصون كرامته ويــــرسخ حريته بعيــــدا عن كل أفكــــار التّطـــرف و التمييز العنصري

تؤكد الدورة الرابعة والعشرين قرطاج المسرحية مضيها على تأصيل البعد  العربي الإفريقي في برمجتها إيمانا بأن مسارح البلدان المنتمية إلى هذه المنطقة مازالت تجتهد في بحثها الفني عن القيم النبيلة الجامعة للبشرية، وفي المقابل تشرع أبوابها لتحتضن تجارب من باقي أنحاء العالم كي تكتمل فسيفساء الفن الإنساني بكل الألوان

ورغم كل اللوعة والحزن الذي يسكن قلوب الجميع مما يحدث في فلسطين، سيعتلي الفنانون الركح وستمتلئ القاعات بالجماهير في هذه  الدورة وسنملأ الدنيا فنا جميلا لنقول لكل العالم بأننا بهذا الفن نتشبث بالحياة ما استطعنا إليها سبيلا

معز المرابط

مدير الدورة الرابعة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية