أيام قرطاج المسرحية: أنشودة المسرح والإنسانية
تستحوذ أيام قرطاج المسرحية منذ انبعاثها على مكانة متفرّدة وتستأثر بمرتبة مميّزة على خارطة الأحداث الثقافية والفنيّة في تونس وإفريقيا والعالم العربي. إنّها أكثر من مجرد مهرجان وأكبر من مجرد موعد مسرحي، هي تقاطع حقيقي بين التعبيرات الفنية، وهي حوار بين التأملات الفكرية والمقاربات الجمالية القادمة من جميع أنحاء العالم
منذ تأسيسها سنة 1983، نحتت أيام قرطاج المسرحية هويّة خاصة وتركت بصمة لا تتكرر في الالتزام بتقديم مسرح المعنى والجودة. من دورة إلى أخرى، يتأكد هذا الالتزام وهذا الخيار الفكري والفنّي من خلال احتضان الركح لقضايا كونية، ومن خلال احتفاء المسارح بتجليات الثقافات العربية والإفريقيّة والأجنبيّة
ترفع أيام قرطاج المسرحية في دورتها الخامسة والعشرين شعار “المسرح مقاومة… الفن حياة”، وهو ما يؤكد أنّ المسرح أعمق بكثير من مجرد فنّ من فنون العرض بل هو مرآة لجوهر الإنسانية ورجع صدى للواقع. وليست المسرحيّات المبرمجة في هذه الدورة سوى نماذج حيّة عن النضالات الاجتماعية، وعن أزمة الهُويّة، وعن ملاحم الإنسانية في ترسيخ قيم الحرية والعدالة والمحبة
وكما يحفر الفن الرابع عميقا في الذاكرة الجماعية، فإنّه أيضا يحمل نظرة معاصرة ولا ينفصل عن واقع رقمي متغير ومتطور… وفي هذا السياق ستهتم ورشات وندوات أيام قرطاج المسرحية بهذه الرهانات والتحديات في نقاش مستفيض حول مدى تأثير التكنولوجيات الجديدة على الممارسة المسرحية في مساءلة لدورها ولموقعها في هذا العالمولأنّ المسرح هو فن المقاومة والحياة، فإنّ أيام قرطاج المسرحية اختارت كعادتها أن تطرق أبواب قضايا كونية واهتمامات إنسانية تهمّ العالم بأسره. وهكذا سيكون ركح هذه التظاهرة المرجعية ملتقى لفرق من إفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية والعالم العربي ليكون المسرح هو الخيط الرابط بينها، وليكون الفن هو مُنطلقها بوصلتها وسلاحها في محو الحدود التي فرضها التاريخ والجغرافيا واللّغة
ايام قرطاج المسرحية شمعة أمل تضيء هذا العالم وتؤكد أن الفن قادر على تخطي الأزمات وتوحيد الشعوب. تذكّرنا أيام قرطاج المسرحية بأنّ الخشبة هي مساحة من الأمان والإبداع، تعلو فوقها الأصوات الحرة، وتتحرّر فيها المشاعر من الكبت والخوف، وتُكتب من أجلها نصوص السرد والحكايا المتأرجحة بين واقع موجود وحلم منشود
سواء كنّا شغوفين بالمسرح أو كنّا فضوليين لاكتشاف هذا العالم الساحر، فإن أيام قرطاج المسرحية تذكرنا دائما بأنّ الفن الرابع نافذة مفتوحة على العالم وأنشودة تتغنّى بالإنسانية!
أمينة الصرارفي
وزيرة الشؤون الثقافية
تماشيا مع توجهات وزارة الشؤون الثقافية الداعمة للثقافة والفن في تونس والخارج وإيمانا بمبدأ مدّ جسور التواصل مع الدول الشقيقة والصديقة من كل قارّات العالم، تحتفي تونس بالفن الرابع من خلال دورة جديدة من مهرجان أيّام قرطاج المسرحية، هذه التظاهرة السنوية التي تجمع روّاد المسرح من فنانين، نقّاد،أساتذة ومختصين في مختلف المجالات لتكون أرض اللقاء، أرض التواصل وتبادل التجارب والخبرات
لطالما كان المسرح” أب الفنون” مناصرا وداعما للقضايا الإنسانية حيث تمثل أيام قرطاج المسرحية منصة للتعبير عن كل أشكال الدعم والتضامن مع القضايا العادلة، لا سيما التضامن مع الدول التي تعاني وطأة الحروب والتهجير. هذه الدورة ستكون صوت المظلومين والمدافعين عن الحق في استرداد الحرية والكرامة لكل الشعوب العربية المضطهدة
وفي احتفاءه بالسنة الواحدة بعد الأربعين من تأسيسه، يواصل المهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية في بثّ رسائل إنسانية ترسّخ معاني النضال والمقاومة من أجل العدالة والحرية
ولأيام قرطاج المسرحية فقرة قارّة “مسرح الحرية” تثمن الإبداع أينما كان وممن كان، فيخرج الفن من خلف جدران وأسوار السجون ويعرض على أركاح المسارح والقاعات كتجربة فريدة في العالم العربي والغربي ويصبح وسيلة لمقاومة الوحدة والعزلة وفرصة لاكتشاف مواهب وطاقات فنية أفرزتها تجارب ذاتية متنوعة
إنه رهان عملت على تحقيقه وزارة الشؤون الثقافية من خلال المسرح ووزارة العدل عبر تكوين وتدريب المساجين على تخطي الصعوبات بتظافر الجهود والتّعامل الأفقي بين مؤسّسات الدّولة أين تتبلور الأفكار وتنجز المشاريع ويكون الإبداع والابتكار سيّد المواقف
لا يفوتني أن أهنّئ المسرح التونسي بالتتويجات على إثر إحراز الأعمال المسرحية التونسية على العديد من الجوائز في أعرق المهرجانات المسرحية العربية، كما أبارك لمهرجان أيّام قرطاج المسرحيّة انضمامه مؤخّرا لشبكة طريق الحرير الصّيني مع التمنيّات بمزيد الإشعاع بالمحافل الدّوليّة الكبرى
الموعد متجدّد بين عشاق المسرح و أهم العروض المسرحية التونسية، العربية والعالمية في الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024 للاستمتاع ببرنامج ثري ومتنوع يتخلّله الندوات الفكرية والورشات التكوينية حتى تكون تونس محطّة فنيّة كبرى تجمع الخبرات من جميع أنحاء العالم ومخبرا للتجارب تهدف إلى البحث عن سبل الابتكار والتّجديد في مجال المسرح وعلاقته بباقي الفنون
دور المسرح باعتباره سلاحا للمقاومة ونورا للأمل ومرآة لواقع مجتمعات تنشد العدل والسلام
هند المقراني المديرة العامة للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية
السيد محمد منير العرقي
مدير الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية
تنتظم الدورة الخامسة والعشرون للمهرجان الدولي “أيام قرطاج المسرحية” في الفترة الممتدّة من 23 إلى 30 نوفمبر 2024 ليعيش المشهد الثقافي في تونس على وقع أب الفنون وليجدد المسرحيون وعشاق الفن الرابع متعة ولوج عوالم المسرح بمختلف أنماطه، عروضا وورشات وندوات ولقاءات لتبادل التجارب بين المسرحيين من مختلف أصقاع العالم في التظاهرة المسرحية الأهم والأعرق بالمنطقة المتوسطية العربية والإفريقية وهي تبلغ سنتها الحادية والأربعين منذ انبعاثها، ذلك أنّ للمسرح جذورا ضاربة في تربة تونس الخضراء ليكون على مختلف تعبيراته صوتا للحق والجمال ومساندة للقضايا الإنسانية العادلة
ولئن تنتظم هذه الدورة في ظرف إنساني عالمي صعب يعاني فيه أشقاؤنا الفلسطينيون واللبنانيون مختلف أشكال الغطرسة والاضطهاد من قبل الكيان الصهيوني الغاشم فقد اختارت أيام قرطاج المسرحية أن تكون مساندتها مطلقة للقضية الفلسطينية العادلة في تناغم مع المساندة الرسمية والشعبية لبلادنا تضامنا مع كل فلسطيني. من أجل ذلك ترفع هذه الدورة قيم الانتصار للقضايا العادلة والحق في الحياة ونشر ثقافة العقول المستنيرة ضد الإبادة وتدعونا إلى المقاومة ثمّ المقاومة.
ولقد كان المسرح ومازال أمس واليوم وغدا من أرقى الأشكال الفنية للمقاومة لينبت الأمل من رحم اليأس نشدانا لأفق إنساني أرحب وأكثر جمالا وحبا نشرا لثقافة الحياة والسلام وحق الاختلاف. وتناغما مع هذا التوجه اخترنا أن يكون موضوع الندوة الدولية لهذه الدورة
“المسرح والإبادة والمقاومة: نحو أفق إنسي جديد”
فضلا عما تتضمّنه برمجة المهرجان بدءا بالمسابقة الرسميّة و تقديم عروض خارج المسابقة من تونس والعالم العربي وإفريقيا والعالم حيث تمّت دعوة مسارح مقاومة من فينزويلا والبرازيل مع انفتاحنا على آسيا، فدعونا، بمناسبة الاحتفاء بالدورة 25، المسرح الصّيني إذ تمّت برمجة عرض “عودة النّجم” لـ Lemi Ponifasio أحد أبرز المخرجين والكوريغراف المشهود له بالتميّز ليقدّم العرض الأّول عالميا للعمل الذي قدّم في الصّين قبل أسبوعين من المهرجان
وحافظت الأيام على برمجة قسم مسرح الحرية للمودعين بالسّجون ومؤسّسات الإصلاح واستحدثت قسم مسرح الإدماج العلاجي ومسرح الأشخاص ذوي الإعاقة إضافة إلى برمجة مسرح الأطفال واليافعين والمسرح المدرسي ومسرح نوادي دور الثّقافة والشّباب
ليكتمل المشهد بإقامة ورشات و دورات تكوينية فنية في عدة مجالات مسرحية و ركحية مختصة يقدمها مختصون ومبدعون أجانب ومن تونس مشهود لهم بالكفاءة والتميز
وإننا نأمل في كل ذلك أن تواصل أيام قرطاج المسرحية إشعاعها ونحت نهجها المخصوص الذي جعلها أم التظاهرات المسرحية ببلادنا وبالمنطقة العربية والإفريقية وأهمها صيتا وتاريخا وهي مكانة تعبر عنها درجة الإقبال العالية التي تشهدها سنويا مختلف العروض وفي ذلك دلالة على أنّ للفن الرابع ببلادنا محبّيه وعشاقه من مختلف الأجيال والفئات الاجتماعية التي ستجد في هذه الدورة ضالّتها الفنية الجمالية و الفكرية في شتى العروض التي سيقدمها مسرحيون من تونس و مختلف البلدان الشقيقة و الصديقة المشاركة، فمرحبا بكم في تونس أرض التسامح و الفن و الإبداع المتجدد. عاش المسرح، المسرح مقاومة أو لا يكون، الفنّ حياة